كنت أشاهد التلفزيون مع أمير، وكنت استرق النظر إلى وجهه من حين لأخر، كان يبدو هادئا لكن كنت أعرف أنه غاضب مني لأني رفضت أن أصنع معه كحك العيد الذي قال إنه تعود على مشاركة والدته في صنعه، بل وقال صراحة إن لم نصنعه معا فلن يشتري أي كحك لنا هذا العام. (هو وهي: كحك العيد)
لكن أنا لدي أسباب منطقية لهذا الرفض، أولا أنا لا أجيد صنع الحلوى، جل ما استطيع فعله في عالم الحلويات هو كيكة البرتقال فقط، ثانيا ماذا لو حاولت وفشلت؟ سنكون قد انفقنا أموالا في غير موضعها وسنضطر لشراء غيره، ثالثا موضوع صنع الكحك ليس بتلك السهولة التي يتخيلها زوجي، كان هو يشارك في مرحلة النقش على الكحك فقط، لكنه لم يشترك في وضع المقادير وصنع العجين والذهاب بالصواجن إلى الفرن والعودة بها مرة أخرى إلى المنزل. رابعا والأهم، ما تلك النبرة "إذا لم تفعلي كذا، لن أفعل أنا كذا"، لا أحب النبرات التهديدية.
نظرت إلى وجهه مرة أخرى وابتسمت، أكيد أمير لا يقصد لا نبرة تهديدية ولا غيرها، هو فقط مثل الأطفال، يقولون كلاما لا يعنونه عند نوبات غضبهم، يتهمني طوال الوقت أني طفلة كبيرة وهو مثلي تماما. ثم تذكرت عندما أسعدني بالفانوس وعندما اشترى لي طقم جديد للعيد رغم معاندتي طوال الشهر وإصراري على تأجيل ملابس العيد لأخر لحظة، طفلي الكبير لم يتوقف عن إسعادي حتى عندما أكون مخطئة، إنه يستحق مني كحك العيد وأكثر.
ولذا تهاوت أسبابي التي بدت لي منطقية، ووجدتني أقول له: "متى ستشتري مقادير الكحك حتى نصنعه سويا؟"، قال وهو مازال على هدوءه: "ولم غيرت رأيك؟"، رددت بسرعة قائلة: "أليس هذا ما تريد، ثم إذا لم نجد طعمه مقبولا سيكون عليك أن تأكله كله وحدك".
لا اعرف لم لم أقل له إني غيرت رأيي لأني أريده سعيدا، أو لأن جزء مني بدأ يحب فكرة أنه سيشاركني صنع شيئا ما في مطبخنا العزيز. هكذا أنا دائما، عندما أخجل عن التصريح بمشاعري أقول كلاما قد يبدو فظا. لكن زوجي الحبيب لم يتضايق من ردي، بل وبدا عليه السرور وهو يقول إنه موافق.
وعلى عكس توقعي، استمتعنا للغاية بكل مرحلة في مراحل صناعة كحنا الأول، كنا نقرأ الخطوات بدقة ونحاول تنفيذها بحذفيرها، وضحكت من قلبي على أمير وعلى وجهه الملئ بالدقيق علامات التركيز الشديد وكأنه يصنع قنبلة نووية وليس مجرد كحك العيد.
وعلى الرغم من أن النتيجة لم تكن مرضية تماما، إذ كان الكحك صلبا كالحصى، لكن ذلك لم يكن مهما لأننا انشغلنا بالضحك أثناء مشاهدة الفيديو الذي صورناه لأنفسنا ونحن نصنع الكحك سويا.
وفي الليل، قررنا أنا زوجي العزيز الخروج لشراء كحك "يؤكل" عوضا عن الحصى الذي صنعناه، لكن ما أن فتحنا باب شقتنا، حتى وجدت أبي يقف على الباب بابتسامة عريضة: "أول عيد تقضونه سويا، لذا اشتريت لكما كحك العيد بنفسي، كل سنة وأنتم طيبين".
نظرت لأمير وانفجرنا في الضحك، وبالطبع لم يفهم أبي ما القصة حتى جرب "الحصى" بنفسه وشاهد الفيديو ليستغرق هو الآخر في الضحك من قلبه.
كل عام وأنتم أيضا بخير وسعادة..عيدكم سعيد وملون بكل ألوان قوس قزح :)
0 commentaires:
Enregistrer un commentaire